العمل الإنساني فيما بين اللاجئين

يُقصَد بمصطلح “دورات النزوح المستمرة” المعاناة المتزايدة للاجئين بما تشير إليه فيديان-قاسمية بمصطلح “النزوح المتداخل”، بمعنى أنهم غالبًا ما يتشاركون فعليًا المساحات مع سكان نازحين آخرين لفترات طويلة من الزمن.


رُغم أنه غالبًا ما يُفترض أن السكان الوطنيين المستقرين بالفعل هم من يستضيفون اللاجئين، فإن المستجيبين الأوائل، في سياقات النزوح، هم لاجئون في حد ذاتهم، في أغلب الأحيان.


تأتي المبادرات التي يقودها اللاجئون والتي أُطلِقت استجابة لأوضاع اللاجئين الحاليين والجُدد لتٌفنِّد بشكل مباشر الافتراضات السائدة على نطاق واسع (والمتنازع بشأنها بالقدر ذاتها) ومفادها أن اللاجئين ضحايا سلبيون بحاجة إلى رعاية الغرباء.

من خلال توجيه بؤرة التركيز على العمل الإنساني فيما بين اللاجئين، يصبح بإمكاننا الاعتراف بالطرق التي ينتهجها اللاجئون لتقديم الدعم لغيرهم ونضعها في نصابها وندرسها بشكل نقدي، وهذا بدلًا من أن يكون هؤلاء اللاجئون مجرد متلقين لخدمات الإغاثة. وكذلك، يسمح لنا هذا النوع من العمل الإنساني أن نتدبر في الطرق التي تصبح بها مخيمات اللاجئين والمدن “مساحات مشتركة” يتقاسمها اللاجئون “الجدد” و”الأوائل” الباحثون عن ملاذ آمن (قاسمية وفيديان-قاسمية، 2013؛ فيديان-قاسمية، 2015).


أصبح مخيم البداوي للاجئين في شمال لبنان موطنًا للاجئين فلسطينيين منذ خمسينيات القرن الماضي ولاجئين سوريين منذ عام 2012. حقوق النشر محفوظة لإيلينا فيديان-قاسمية، 2017.

من خلال دراسة العمل الإنساني فيما بين اللاجئين (بالإضافة إلى غيره من أشكال استجابة الأطراف الفاعلة الحكومية وغير الحكومية للنزوح)، يهدف مشروع استجابات بلدان الجنوب للنزوح إلى الاعتراف بولاية اللاجئين على شؤونهم والانخراط على نحو مُجدٍ معهم لتوفير الدعم للاجئين “الجُدد” النازحين من سوريا والترحيب بهم. ومع ذلك، فمن خلال التحليل النقدي لعلاقات القوى التي يستند إليها العمل الإنساني فيما بين اللاجئين، يسعى مشروعنا إلى تجنب إضفاء الطابع المثالي على هذه الاستجابات قبل الأوان باعتبارها عمليات قائمة على مبدأي المساواة والتمكين أو شيطنتها من خلال إضفاء الطابع الأمني عليها. (فيديان-قاسمية، 2011 و2013 و2015أ).


تكتسي هذه المسألة بأهمية خاصة، نظرًا لأن الاستجابات التي يقودها اللاجئون أنفسهم والمعنية بمسألة النزوح السوري تُقدَّم في سياق حالات تسودها حالتي عدم الاستقرار والعنف المستمر في البلدان المجاورة. وهذا يثير تساؤلات، منها ما يلي: ما مدى جدوى الاستجابات التي يقودها اللاجئون في ظروف الفقر والاستبعاد، ومن المستفيد ومن الخاسر حين يُقدِّم اللاجئون المساعدة ويوفرون الحماية لغيرهم من اللاجئين؟


أعمال يُنصَح بقراءتها حول العمل الإنساني فيما بين اللاجئين وحُسن ضيافة المضيفين للاجئين:

وجَّه العلماء، في سياق التعاون فيما بين بلدان الجنوب في حالات النزوح، جُلَّ التركيز على التفاعل الاجتماعي بين السكان المحليين واللاجئين وكذلك بين اللاجئين الأوائل والجُدد، فيما يتعلق بمسألة ” الضيافة”. ولهذا، أصبحت مسألة “الضيافة” موضع نقاش في البيئات المتضررة من النزاع، من ناحية بوصفها شبكات تضامن وتقديم مساعدات من فرد إلى آخر أو من جماعة إلى أخرى، ومن ناحية أخرى بوصفها ممارسة سياسية كلية معنية بإرساء النظام وضمان المساءلة السياسية وبناء الدولة.


  • كاربي، إ. وسينوغوز، ب. ه. (قيد الإصدار). “ضيافة اللاجئين في لبنان وتركيا. حول بناء صورة “الآخر”، مجلة الهجرة الدولية.
  • كاربي، إ. (2016). “ضيافة اللاجئين والعمل الإنساني في شمال لبنان: بين النظام الاجتماعي والتاريخ العابر للحدود”، فريق حالات الطوارئ والإصلاح والتنمية، باريس: فريق حالات الطوارئ والإصلاح والتنمية.
  • العابد، أ، (2014). “خطاب الضيافة: مهاجرون رغمًا عنهم في الأردن”، في فابوس، أ. وإيزوتالو، ر. (محرران). إدارة تنقلات المسلمين. لندن: بالغريف ماكميلان، الصفحات 81-100.
  • فيديان-قاسمية، إ. (2016). “العلاقات فيما بين اللاجئين في سياقات النزوح المتداخل”، المجلة الدولية للبحوث الحضرية والإقليمية”، “تسليط الضوء على” أزمة” اللاجئين الحضرية.
  • فيديان-قاسمية، إ. (2016). “لاجئون يستضيفون لاجئين”، استعراض الهجرة القسرية، 2016:
  • فيديان-قاسمية، إ. (2016). “إفادات بالنزوح في الشرق الأوسط”، الثقافة العامة، 28(3). 457-473، معرف الكائن الرقمي: 10.1215/08992363-3511586.
  • فيديان-قاسمية، إ. (2015). “لاجئون يساعدون لاجئين: كيف يرحم مخيم لاجئين فلسطينيين في لبنان بسوريين”، المحادثة، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
  • فيديان-قاسمية، إ. وقاسمية، ي.م. (2017). “التضامن فيما بين اللاجئين بعد الموت وأثنائه”، الجناح التونسي في بينالي البندقية لعام 2017: غياب المسارات، مايو/أيار 2017.
  • نذير، ب. (2008). الضيافة العثمانية وتأثيرها على أوروبا. إسطنبول: الغرفة التجارية في إسطنبول.
  • رمضان، أ. (2006) “ضيوف الضيوف: اللاجئون الفلسطينيون والمدنيون اللبنانيون وحرب 2006″، أنتيبود 40 (4): 658-677.
  • روزيلو، م. (2002) ضيافة ما بعد الاستعمار. ستانفورد: كاليفورنيا: مطبعة جامعة ستانفورد.
  • روزاكو، ك. (2012) “سياسات الضيافة في المجالات الأحيائية باليونان. العمل الإنساني وإدارة شؤون اللاجئين”، مجلة عالم الأنثولوجيا الأمريكي، 39 (3): 562- 577.
  • شريوك، أ. (2004). “الضيافة الأردنية الجديدة: “دار ومضيف وضيف في ثقافة العرض العام”، جمعية الدراسة المقارنة للمجتمع والتاريخ، 46 (10): 35-62.

لمعرفة المزيد حول تجارب المجتمع المحلي بشأن النزوح من سوريا، وتحديدًا من وجهات نظر لبنان والأردن وتركيا، يُرجى زيارة مشروع مضيفي اللاجئين.

صورة مميزة: جدارية أمام مدرسة في مخيم البداوي، شمال لبنان. حقوق النشر محفوظة لإيلينا فيديان-قاسمية، 2017.

Create a website or blog at WordPress.com

Up ↑