القومية العربية

على النقيض من النهج الأممي، ومثال عليه الدعم الذي تقدمه كوبا للدول والمجتمعات في الشرق الأوسط، تبنت القومية العربية نهجًا إقليميًا في جوهره. تهدف القومية العربية، تلك التي بُنيَت على أساس مبدأي العروبة والاشتراكية العربية، إلى توحيد الدول العربية ذات السيادة سياسيًا، وذلك من خلال إعطاء الأولوية إلى سيادة الشعوب والأمم العربية واستقلالهم.


يعتمد الهدف المتمثل في إعطاء الأولية لسيادة الدولة على أراضيها وضمان استقلالها على، ويؤدي في الوقت ذاته إلى، رفض القوى تدخل القوى الاستعمارية والقوى الاستعمارية الجديدة في الشؤون الإقليمية العربية. فيأتي هذا الهدف مكررًا المطالبة باستقلال الأراضي والشعوب المستعمرة والمحتلة.


فيما يتعلق بمشروع استجابات بلدان الجنوب للنزوح، يُمكن النظر إلى المقاربات التي تنتهجها القومية العربية في مسألة النزوح على أنها بديل للخطابات والمقاربات السائدة التي تُصوِّر مقدم الخدمات الإنسانية من بلدان الشمال على أنه المُنقذ لحياة ضحايا النازحين من بلدان الجنوب.


نسعى، من خلال مشروعنا الخاص باستجابات بلدان الجنوب للنزوح، إلى تحديد آليات تقديم الدول والأطراف الفاعلة وشبكات المجتمع المدني المختلفة في الشرق الأوسط المساعدات للاجئين السوريين ودوافعها والآثار الناجمة عنها، وإلى أي مدى تعتمد هذه الأطراف الفاعلة على مفاهيم القومية العربية وتنفذها في سياق استجاباتها.


على سبيل المثال، أسست جامعة الدول العربية قسم الإغاثة الإنسانية عام 2007 “بهدف تعزيز العمل العربي المشترك بما يخدم مصلحة الدول الأعضاء.” في عام 2012 وحده، تعهدت جامعة الدول العربية بتقديم إغاثة إلى اللاجئين السوريين تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار (صحيفة غولف تايمز، 2012)، وكان من ضمن الاستجابات إرسال الحكومة المغربية قوافل معونات لإنشاء مستشفى ميداني في الأردن (صحيفة المغرب اليوم، 2012)، وتقديم مؤسسة قطر الخيرية معونات غذائية وغير غذائية ومساعدات طبية للاجئين السوريين في كل من المناطق الحدودية اللبنانية والأردن (صحيفة غولف تايمز، 2012).


ساهمت مؤسسة أيادي الخير نحو آسيا (أحد أذرع مؤسسة قطر الخيرية) في إعادة تأهيل ملعب كرة القدم الفلسطيني في مخيم البداوي للاجئين في عام 2013. ويُعَد ملعب كرة القدم المساحة “الترفيهية” الرئيسية التي يتقاسمها الفلسطينيون وجماعات اللاجئين السوريين المختلفة في المخيم. حقوق النشر محفوظة لإيلينا فيديان-قاسمية، 2017.

الأهم من ذلك، أنه في حين قد تستند بعض استجابات الدول والمناطق والمجتمعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للنزوح إلى إطار القومية العربية، فإن ذلك لا ينطبق على جميعها. ففي حقيقة الأمر، يُحاجي الكثير من المُعلِّقين بأنه لا يوجد استجابة للنزوح من سوريا “نابعة من القومية العربية”. وفي هذا السياق، سيدرس مشروع استجابات بلدان الجنوب للنزوح الأهداف والمبادئ المتنوعة التي تقوم عليها استجابات الدول والأقاليم والمجتمع المدني للنزوح من سوريا. ونهدف على وجه الخصوص إلى بحث كيف يرى اللاجئون السوريون هذه الاستجابات وما أهمية مبادئ القومية العربية (إن وُجِدَت).


يستخدم هذا الملعب اللاجئون السوريون والفلسطينيون، واللبنانيون الفقراء الذين يعيشون في ضواحي مخيم البداوي، شمال لبنان. ويُعَد هذا الملعب جزءًا من مبادرة تديرها منظمة لبنانية غير حكومية تتلقى الدعم من مجموعة واسعة من الممولين في بلدان الشمال ولبنان ذاته. حقوق النشر محفوظة لإيلينا فيديان-قاسمية، 2017.

صورة مميزة: شباب يقتربون من أحد مداخل مخيم البداوي، شمال لبنان. حقوق النشر محفوظة لإيلينا فيديان-قاسمية، 2017.

Create a website or blog at WordPress.com

Up ↑