دراسة “بلدان الجنوب” والتدبر في “استجاباتها للنزوح”: مقدمة

بقلم البروفيسورة فيديان-قاسمية، الباحثة الأساسية، مشروع استجابات بلدان الجنوب للنزوح.


كيف لنا أن نرى “بلدان الجنوب” وإلى أي مدى يمكن التفكير ونحن مرتدين قبعة “بلدان الجنوب” بما يُعمِق استيعاب طبيعة الاستجابات المتنوعة للنزوح نتيجة النزاع وتداعياته؟


هذا واحد من الأسئلة التي يسعى مشروع “استجابات بلدان الجنوب للنزوح” إلى مناقشتها، بما في ذلك من خلال سلسلة مدوناتنا حول هذا الموضوع. ستتألف هذه السلسلة من مدونات تستجوب بشكل نقدي لمختلف ما تنطوي عليه المفاهيم والأطر المرجعية الأساسية التي تتصل اتصالًا صريحًا أو ضمنيًا بهذا المشروع من معانٍ وجوانب تدعو للتدبر. ومن أمثلة هذه المعاني والأطر المرجعية “الجنوب”، و”التعاون فيما بين بلدان الجنوب” (و، بالطبع، عدم الاستجابة)، و”العمل الإنساني”.


وفي الواقع، تتمثل أحد الأهداف الرئيسية التي يسعى هذا المشروع إلى تحقيقيها في استكشاف


كيفية تصور مختلف جماعات اللاجئين أنفسهم للاستجابات التي تزعم أنها مُعدَّة “بالأصالة عنهم، وكيفية تفاوضهم بشأنها ومقاومتهم لها”. ويشمل ذلك البحث في الخصوصيات – إن وجدت– التي تميز الاستجابات المُعدّة “بواسطة” بلدان “الجنوب” والنابعة “منه” (والذي يعد في ذاته أحد الأفكار التي سيبحثها المشروع بطريقة نقدية)، وإلى أي مدى يرى اللاجئون السوريون واللاجئون الأوائل في لبنان والأردن وتركيا هذه الاستجابات “على أنها” إنسانية بطبيعتها.

الدراسة النقدية “لبلدان الجنوب” بوصفهما مفهومًا يدفع، من بين أمور أخرى، إلى طرح أسئلة كالآتي

  • كيف استخدم مختلف الأشخاص والمؤسسات هذا المصطلح باختلاف الزمان والمكان وما السبب في ذلك؛
  • وكيف أصبحت التفسيرات والحُجج الخاصة بهذا المصطلح “مُسلَّمًا بها” رُغم رفض تصوراتها البديلة أو تجاهلها؛
  • وما هي تلك المفاهيم والمصطلحات المقترنة بمصطلح “الجنوب” أو موجودة بدلًا منه في السياقات جيوسياسية واللغوية المتنوعة؛
  • وما مدى تحويل الاستخدامات المتباينة للمصطلح بؤرة الاهتمام للتركيز على عمليات انعدام المساواة والاستغلال أو تهميشها؛
  • وكيف يمكن أن ترتبط تلك بعمليات الاستقطاب للحفاظ على الوضع الراهن وانعدام المساواة المتنوعة بدلًا من البحث فيها.

بهذه الطريقة، يُثبِت أحد مداخل هذا المشروع أن بلدان “الجنوب”، على وجه التحديد، يمكن تصورها بل ومساءلتها على يد أفراد وجماعات ومنظمات ذات مكانات مختلفة، مما سيمحي الافتراض الذي يزعم أن “بلدان الجنوب” ما هي إلى كيان جغرافي أو حتى جيوسياسي ثابت لا يتغير.


تُحاجي إحدى الفرضيات التي يقوم عليها هذا المشروع بأن دراسات استجابات النزوح تقتضي تبني نهجًا نظريًا نقديًا، نهجًا يولي عناية بمسألتي انعدام المساواة والعلاقات المعقدة، ويعترف، في الوقت ذاته، بالطبيعة المنحازة للمعرفة.


في هذا الصدد، فإن هذا الاهتمام الذي يوليه المشروع بدراسة كيفية تساعد الأطراف الفاعلة من “بلدان الجنوب” النازحين السوريين وتوفر لهم الحماية والتضامن يسترشد بهذا الالتزام بفحص هذه العمليات من خلال النُهُج النظرية والمنهجية التي يمكن وضعها في أُطر مختلفة بحيث توصف بأنها تنتمي لـ “بلدان الجنوب، والاستعمار، وما بعد الاستعمار، وما هو مناهض للاستعمار”.


تحقيقًا لهذه الغاية، تُستَهَل السلسلة بمقتطف من مقدمة دليل العلاقات فيما بين بلدان الجنوب، بقلم باتريشيا وأنا، والتي تحمل عنوان “تصوُّر تفاعلات بلدان الجنوب ومع بعضها البعض”، تتبعها رؤى تقدمها إستيلا كاربي حول تقديم المساعدات من بلدان “الشمال” و”الجنوب”، بعيدًا عن السرديات المهيمنة: وجهات نظر يُقدمها مقدمو خدمات لبنانيون وسوريون في لبنان”، ومدونات أخرى تبحث في تصورات اللاجئين ومقدمي الرعاية لـ”بلدان الجنوب”، و”الاستجابات”، و”العمل الإنساني”.


نتطلع إلى استضافة المساهمات التي تستكشف إجابات لهذه الأسئلة وغيرها، ويمكنك الاطلاع على مزيد من المعلومات حول عملية التقديم لدينا من هنا.


للاطلاع على مزيد من الأعمال حول الموضوعات التي تناولناها في هذا المنشور يُرجى زيارة سلسلتنا من هنا وقراءة المدونات التالية:


“تصوُّر تفاعلات بلدان الجنوب ومع بعضها البعض” – في هذا المقتطف المقتبس من مقدمة دليل العلاقات بين بلدان الجنوب المنشور حديثًا، تستكشف البروفيسورة إيلينا فيديان-قاسمية والبروفيسورة باتريشيا دالي طرقًا مختلفة لتصوُّر “بلدان الجنوب” ودراستها، فضلًا عن تصور التفاعلات المختلفة التي تحدث عبر الأشخاص والمؤسسات المتنوعة في جميع أنحاء العالم وفيما بينها.


تقديم المساعدات من بلدان “الشمال” و”الجنوب” بعيدًا عن السرديات المهيمنة: وجهات نظر يُقدمها مقدمو خدمات لبنانيون وسوريون – في هذه المدونة، تتدبر الدكتورة إستيلا كاربي فيما تنطوي عليه مصطلحي “بلدان الجنوب” و”بلدان الشمال” من معانٍ وجوانب مختلفة تدعو للتدبر، مع التركيز بشكل خاص على الطرق التي يبنى بها مقدمو الخدمات اللبنانيون والسوريون تصوراتهم بشأن المصطلحات وطرق الاستجابة المقترنة عادة ببلدان “الشمال” و”الجنوب”.


تواريخ ومساحات تشغلها استجابات بلدان الجنوب للنزوح – في هذا المنشور، تُسلِّط البروفيسورة إيلينا فيديان-قاسمية الضوء على الحاجة إلى أن تكون التحليلات التي تُجرى على الاستجابات المحلية أكثر مراعاة للتاريخ الطويل الذي يشهد على جهود الأطراف الفاعلة المحلية/ومن بلدان الجنوب، هذا فضلًا دراسة الطرق التي يمكن لاستجابات بلدان الجنوب أن العمل من خلالها إلى جانب استجابات بلدان الشمال للنزوح أو تفنيدها بشكل صريح.


حوار مع مشروع قهقهة في لبنان: مثال فعَّال لمبادرة أطلقتها بلدان الجنوب – في هذا المنشور تُجرى د. إستيلا كاربي حوارًا مع لينا خوري، مؤسسة مشروع قهقهة في لبنان. وهذه المبادرة هي مثال لما أطلق عليه العلماء الدوليين العمل الإنساني فيما بين بلدان الجنوب أو العمل الإنساني الذي تقوده بلدان الجنوب. واتضح من خلال هذا اللقاء أن جهود مشروع قهقهة غالبًا ما تحيد عن مسار السرد العمل الإنساني السائد.

توطين مساعدات الإغاثة واستجابات بلدان الجنوب للنزوح: ما وراء استغلال الأطراف الفاعلة المحلية – في هذه المدونة، تدرس البروفيسورة إيلينا فيديان-قاسمية مجموعة من الأسئلة ذات الصلة بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الأطراف الفاعلة في المجال الإنساني استجابة للنزوح، وكذا الزخم الجديد الساعي لتوطين الإغاثة من خلال إشراك الجهات الفاعلة “المحلية في بلدان الجنوب ومنها.


إمبراطوريات الإدماج – في هذه المدونة، تستكشف د. إستيلا كاربي الآثار المترتبة على مفهوم وعملية “الإدماج” فيما يتعلق بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب.


استجابات بلدان الجنوب للنزوح: معلومات أساسية ومقدمة حول سلسلة مدوناتنا القصيرة – في هذه المقدمة الخاصة بسلسلة المدونات المصغرة الافتتاحية، تُقدِّم البروفيسورة إيلينا فيديان-قاسمية لمحة عامة حول المعلومات الأساسية الخاصة بمشروع استجابات بلدان الجنوب للنزوح والنُهُج التي نتبناها لفهم دوافع المبادرات التي تقودها بلدان الجنوب وطبيعتها وتأثيراتها على النزوح من سوريا.


هل يُساعد تقديم الإغاثة الدينية دائمًا على توطين المعونات؟ – في هذا المنشور، تُحاجي د. إستيلا كاربي بأنه ثمة حاجة إلى التدبر في السياقات المحلية لضمان عدم اعتماد المشاركة مع المجتمعات الدينية المحلية على ممارسات مقولبة تفترض أن هناك جماعات معينة تتحدث بالأصالة عن “جماعة محلية” متجانسة.


صورة مميزة: إطلالة علوية على مخيم البداوي، لبنان. حقوق النشر محفوظة لإيلينا فيديان-قاسمية، 2018.


Leave a comment

Create a website or blog at WordPress.com

Up ↑