اللاجئون السوريون وفيروس كورونا “زعزعة ما بعد الإستقرار”

بعد مرور أكثر من تسع سنوات على الأزمة السورية وتهجير المواطنيين السوريين قَسراً من بلادهم الى الدول المجاورة، الأردن ولُبنان وتركيا، خُيبَت الظنون والآمال بالإستقرارالصحي، المعنوي، والمادي للاجئين السوريين مع حلول ضيف جديد على ساحة الأزمات الدولية والعالمية، فيروس كورونا المستجد.

يتشارك اللاجئون السوريون المُحتضنون في الأردن، والذين يقدّرعددهم بنحو 1.4 مليون لاجىء، والمواطنون الأردنيون أزمة كورونا الخانقة المتوقع استمرار تأثيرها على العالم للسنوات القادمة. ولكن بطبيعة الحال لا يمكن مقارنة معاناة المواطنين، أصحاب الحقوق وحاملي الأرقام الوطنية بمعاناة من هم ينتظرون المساعدات المحلية والعالمية بلهفة لتأمين قوت يومهم وحاجاتهم الأساسية.

بعد الكشف عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا في الأردن في شهر مارس من العام الحالي اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات للتصدي لهذا الوباء ومنع انتشاره حيث تم تعطيل الأعمال في جميع انحاء المملكة مما أدى الى ترك الكثيرين دون مورد رزق.

وبصدد وجود مئات الآلاف من المواطنين المعتمدين على نظام المياومة لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية، أصدرت الحكومة الأردنية منصة “دعم عمال المياومة” ويُذكر أن هذه المنصة مخصصة لعمال المياومة ممن يحملون رقماً وطنياً أردنياً وغير مسجلين في صندوق المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي الأردني.

إنّ الدعم المقدم من هذه المنصة الحكومية، لا يشمل اللاجئين السوريين عِلماً أن غالبيتهم يعملون بنظام المياومة، وهم الفئة الأكثر تضرراً بسبب قرار حظر التجوال في الأردن الذى أدى الى زيادة الأعباء الاقتصادية والنفسية عليهم.

السؤال: ما هي الظروف التي يواجهها اللاجئون السوريون في المجتمع الأردني في ظل انقطاع مصادر رزقهم؟

في لقاء هاتفي مع السيدة أم ربيع، وهي لاجئة سورية في مدينة جرش قالت: “منذ بداية أزمة كورونا لم نحصل على المساعدات. لدي ثلاثة أبناء يعملون في نظام المياومة وهم الآن متعطلون عن العمل، ان الأوضاع التي نعيشها سيئة جداً، لقد تراكم علينا دفع ايجارالمنزل، وفواتير الكهرباء والمياه.” وأضافت: “نحن لدينا أطفال بعمر السنة والثلاث سنوات في المنزل، أحفادي، لديهم احتياجاتهم الخاصة من حليب وحفاظات. لقد اضطررت أن أبيع هدية قدمها لي أبنائي في عيد الأم، خاتم ذهب، مقابل مبلغ أقل من سعر الشراء بكثير، لقد تم استغلال ظروفي من احدى السيدات هنا، لقد فعلت ذلك من أجل شراء دواء لأحفادي لأنني لم أجد من يقدم لنا مساعدات دوائية في ظل هذه الأزمة.”

وبخصوص المساعدات المقدمة من قِبل بعض المنظمات الدولية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، إن بعض هذه المعونات يتم ايقافها عند مغادرة اللاجئين المخيمات التي كانو يقيمون فيها إنطلاقاً للعيش في المجتمعات الأردنية ليعتمد اللاجىء من بعد ذلك على نفسه. لقد أدى حظر التجوال في بدايته، الى ايقاف ضخ المساعدات الانسانية على اللاجئين من قِبل الجمعيات الخيرية المحلية، المساجد والكنائس وذلك لصعوبة تلاقي مقدمي الخدمات والمحتاجين مع بعضهم البعض، حِرصاً على صحتهم.

في لقاء هاتفي مع أحد الواعظات في مسجد ظهر السرو في مدينة جرش، قالت: “إن اللاجئين السوريين لا يعتمدون كُلياً على المساعدات الإنسانية، لأنها غير كافية لسد حاجاتهم. فًهُم يعملون بنظام المياومة لتمكين أنفسهم اقتصادياً، والآن مع انقطاعهم عن أعمالهم، عادو من جديد لحالة عدم الاستقرار المادي.”

إن المجتمع الأردني من أكثر الشعوب التي رحبت باللاجئين السوريين، فما هي اتستجابتهم الحالية لدعم اللاجئين في ظل هذه الأزمة؟

إن التكاتف والتآخي الذي أظهره و يظهره الشعب الأردني وشعوره بالمسؤولية الإنسانية اتجاه اللاجئين السوريين تجلت بأبهى صورها من خلال وصفهم اللاجئين السوريين ب “إخواننا السوريين”، إنّ الشعب الأردني الواعي ينظر لهم بعين الأخوّة، وهي من أسمى وأنقى العلاقات الإنسانية على وجه الأرض. ومن خلال مواقع التواصل الإجتماعي، لوحظ أن أبناء الشعب الأردني لديهم قلق كبيرعلى إخوانهم اللاجئين السوريين، فأطلقوا المبادرات والنداءات الإنسانية لتفقدهم وتقديم المساعدات لهم من مأكل ومشرب وأدوية في حال أنهم يسكنون في نفس العمارة أو الشارع. ولأن الحكومة الأردنية مُدركة للمصاب الجلل الذي يمر بهِ السكان، دعت دائرة الإفتاء العام أصحاب الأموال الى المبادرة بإخراج زكاة أموالهم وإن لم يحل الحول عليها، وعدم انتظار شهر رمضان المبارك، وذلك بسبب الظروف الإستثنائية التي تسبب بها فيروس كورونا، فهنالك العديد من الأسر غير قادرة على تلبية احتياجتها الأساسية بسبب توقف العمل في الدولة.

وفي حديث مع السيدة مها الحمصي، وهي المديرة التنفيذية لجمعية درب جرش للتنمية البشرية، قالت: “لم أسمع عن اي مساعدة قُدِمَت للاجئون السوريون في أزمة كورونا سوى من أشخاص عاديين يسكنون في نفس المنطقة التي يتواجد فيها اللاجئين السوريين، لأنهم مطلعون على مدى صعوبة الحياة لديهم. علماً ان هذه الخدمة لربما قُدِمَت لمرة واحدة.” وأضافت الحمصي: “شخصياً، لقد قمت بتقديم المساعدة لهم عن طريق ربطهم بأشخاص من مقدمي الخدمات وذلك لعدم وجود منظومة واضحة لكيفية تقديم الخدمات في فترة حظر التجوال.”

المساعدة العالمية للاجئين في ظل جائحة كورونا:

وأضافت الحمصي لاحقاً أنّ جمعية درب جرش مقيدة فيما يخص التخطيط لإستحداث نظام جديد من أجل توصيل المساعدات للاجئين السوريين في ظل أزمة كورونا، وقالت:”نحن مؤسسة محلية ونتلقى الدعم من المنظمات الدولية، ونحن الآن في صدد مطالبة المنظمات العالمية كاليونيسيف والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات العالمية المتمكنة، أن تقدم لنا الدعم لمساندة اللاجئين السوريين في ظل هذه الأزمة، لا يمكن لمؤسسات المجتمع المدني أن تتقدم خطوة دون دعمهم وهذا يتطلب وقت طويل واللاجئون السوريون بأمس الحاجة للمساعدة وبالسرعة القصوى.”

ذَكرت قناة المملكة الأردنية على موقعها اللإكتروني أنّ الاتحاد الأوروبي، اعتمد بداية شهر أبريل، حُزمة مساعدات بقيمة 240 مليون يورو؛ لدعم الصمود في دول الجوار المستضيفة للاجئين السوريين في ظل فيروس كورونا المستجد.

وتكونت الحزمة من 27.5 مليون يورو، لتوفير تعليم جامع ومنصف وذي جودة للسوريين في مخيمات اللاجئين في الأردن، و22 مليون يورو لتحسين نظام الصحة العامة في الأردن، بما في ذلك الوقاية من الأمراض وإدارتها، لاسيما من خلال الرعاية الصحية الأولية، و11 مليون يورو لتمكين النساء المحليات واللاجئات، وتحسين إمكانية حصولهن على فرص كسب الرزق في الأردن.

اللاجئون السوريون والتعليم عن بُعد:

أظهر العديد من اللاجئين السوريين تخوّفهم من توقف تعليمهم مرة أخرى بسبب فيروس كورونا، مستذكرين ماضي توقف الدراسة في سوريا بسبب الحرب.

ولكن بقراراتٍ رشيقة، أستمرت العملية التعليمية في الأردن رغم تعليق الدراسة حيث لجأت وزارة التربية والتعليم الأردنية الى طرح نظام التعلم عن بعد، التعلم الإلكتروني، وأصدرت الوزارة منصة “دَرسَك” التعليمية الإلكترونية والمقدمة لجميع الطلاب في الأردن من الصف الأول وحتى الصف الثاني عشر.

ولكن، واجه العديد من الطلبة الفقراء واللاجئين تحديات لعدم قدرتهم على شراء حزم الإنترنت وعدم توافرالعدد المناسب من الأجهزة التي تدعم هذا النوع من التعليم، خاصة أن أغلب العائلات لديهم العديد من الأبناء الملتحقين في المدارس، ووجود هاتف ذكي واحد يجعل العملية صعبة.

في لقاء هاتفي مع السيدة صفاء، وهي لاجئة سورية في جرش وأم لثلاثة أطفال، قالت مُعلقة على موضوع التعليم عن بعد:”لدي ثلاث أطفال في الصف السابع و الرابع ورياض الأطفال ملتحقين في المدارس الحكومية الأردنية، لقد استطعت الدخول الى المنصات التعليمية التي أطلقتها الحكومة لتوفر خدمة الإنترنت في المنزل ولكن عادة ما يكون الإنترنت بطيء وحزم الإنترنت تُفقد بسرعة لأن أغلب المواد المنشورة على هذه المنصة هي فيديوهات تعليمية وأقوم بفتح فيديوهات مختلفة لثلاثة أطفال وانا أمتلك جهازاً ذكياً واحداً في المنزل مما يشكل ضغط كبير علينا.”

أطلقت مبادرة “أنا أتعلّم” وبالتعاون مع منظمة اليونيسيف و وزارة الشباب الأردنية حملة “درسي بإيدك”، من أجل دعم جهود الحكومة وضمان المساواة في الوصول للتعلم عن بعد، حيث دعت الحملة المجتمع الأردني لجمع الأجهزة الإلكترونية مثل الحواسيب المحمولة والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وتوزيعها على الأسر المحرومة واللاجئين في مناطق مختلفة من المملكة و ذلك في كل من الأزرق وخريبة السوق والبقعة ودير علا والزرقاء والطفيلة وجرش ومخيم سوف.

تقوم “أنا أتعلّم” ومتطوعوها بجمع الأجهزة من الجهات المانحة، مع مراعاة إجراءات السلامة العامة، ومن ثم يقومون بتسليم الأجهزة إلى العائلات المحتاجة بعد فحصها وصيانتها وإعادة تهيئة الأجهزة التي تحتاج لذلك.

إن اللاجئين السوريين وبعد استشعارهم الطمأنينة والإستقرار والتَكيف من بعد سنواتٍ من الحرب والتشتت، والفَقد عادوا من جديد الى المعاناة وترقب المستقبل المجهول وتحدياته ولكن هذه المرة جنباً الى جنب والعالم أجمع.

جائحة كورونا، هي صفعة قوية أودت بالأحلام الثانوية للكثيرين، ولكنّها حَرَمت اللاجئين والفقراء من أبسط حقوقهم، التمتع بمستوى لائق من المعيشة.

**

If you found this piece of interest please visit our Introductory Mini Blog Series or access the recommended reading below:

Akay Erturk, S. (2020) The effects of COVID-19 on Syrian refugees in Turkey

Akay Erturk, S. (2020) Taking refuge in time, space and place: The case of Syrian refugees in Turkey

Akay Erturk, S. (2020) Syrian refugees and the transformation of Turkey’s rural areas

al-Mehdi, D. (2019) The Tribulations, and Deportations, of Syrian Guests in Turkey

Berg, M. and Fiddian-Qasmiyeh, E. (2018) Hospitality and Hostility towards Migrants: Global Perspectives—An Introduction

Carpi, E. (2019) Syrian Faith Leaders in Displacement: Neglected Aid Providers?

Delioglu, F. (2019) The ‘Al Shami Kitchen Project’ – Solidarity amongst Syrian Refugee Women in Izmit, Turkey

Fiddian-Qasmiyeh, E. (2020) Refugee-led local responses in the time of COVID-19: Preliminary reflections from North Lebanon

Fiddian-Qasmiyeh, E. (2018) Histories and spaces of Southern-led responses to displacement

Fiddian-Qasmiyeh, E. (2017) Syrian Refugees in Turkey, Jordan and Lebanon Face an Uncertain 2017

Loris-Rodionoff, C. (2017) Hope, Resilience and Uncertainty: A Day with Displaced Syrians in Southern Turkey

Ozturk, M. (2018) ‘Municipal-level responses to Syrian refugees in Turkey: The case of Bursa

Featured image: “A Syrian refugee student from Jerash who is taking an online exam from home, as part of the Distance Education”

Leave a comment

Create a website or blog at WordPress.com

Up ↑